تأسيس خاتش
عانى المسيحيون في الشرق عموما والكورد منهم خصوصا صنوف الاضطهاد والتضييق والتهميش عبر قرون خلت، واستعانوا على ما نابهم من عسف بالصبر وظل نشاطهم المجتمعي محاط بالتكتم والسرية تجنبا للظلم والقهر الذي صار سمة الإمبراطوريات الشرقية التي توالت على إدارة الشرق وصولا لتقسيمه في شكله الراهن . إضافة إلى تشرذمهم بين لين أقوام وشعوب أخرى، كاد أن يفقد الكورد انتمائهم القومي والحضاري، بل وعرفوا بأنهم مسلمون فقط – المسلمون السنة – ولم يذكر يوما بأننا قومية – أمة – فينا المسلم – بكل طوائفه – والمسيحي واليهودي واليزيدي ووالخ. إيمانا منا بمصونية حق حرية الاعتقاد والضمير التي كفلها لنا الرب منذ التكوين قبل ان تسنها التشريعات المدنية والحضارية، وانطلاقا من الحاجة للتكاتف والتعاون على الخير والمودة والحب والإخاء واستكمالا لحركة ونشاط الآباء والأجداد الذين اعتنقوا المسيحية ودافعوا عن قيمها السمحاء في العيش والتعايش وامتثالا لإرادة الرب العليا ارتأينا إشهار إيماننا المتجدد ولم شمل إخوتنا – المسيحيين الكورد. لم نجد بدا من إعلان انطلاقة مشروعنا التنويري في إطار مؤسسي بما يتفق وكل المعايير المدنية والحضارية ممثلا بحركة “المسيحيون الكورد”، وهي حركة تنويرية ثقافية تعنى بإعادة تعمير بنى أواصر الأخوة والمحبة بين كافة الكورد من أتباع التسامح المسيحي بغية التواصل الروحي والثقافي والاجتماعي والحفاظ على وجودنا وحقنا في الإسهام بالحضارة والمدنية في كل أماكن تواجدنا. تنطلق حركة المسيحيين الكورد من مسلمات وبديهيات التسامح والمحبة الربانية التي أكرمنا الله بها ونعتبرها ضوابط طوعية تحكم نشاطنا وتصرفاتنا، وملاذا للدفاع عن حقنا في الوجود والحياة الكريمة كمسيحيين كورد دون تمييز بين المؤمنين (من مسيحي ومعتنق للمسيحية). انطلاقا من مبدأ أن لا رقابة بشرية على الضمير والفكر والعقل، وتمشيا مع حكمة الله فينا جميعا، لا يعقل أن تتحكم الوراثة والوصاية بضميرنا وقناعاتنا وفكرنا وعقلنا. نعتقد بالمساواة بين البشر فهم متساوون في الحقوق والواجبات المدنية في الدنيا ولا تفريط أو نقض لحق أحد بالاعتقاد والقناعات ولا إكراه في الدين، الذي هو علاقة سامية خالصة بين المرء وربه. نريد للشعب الكوردي الذي فرضت عليه معتقدات وأديان في وقت مضى بحد السيف أن يختار دينه طوعا لا فسرا. أن يكون الكوردي مخيرا بالعقل والقناعة لا بالأوامرية والإرهاب. نحسب الجهل والفقر سببا لزيادة مفرطة في النسل، فلم تعد غلة الأرض تكفي لإطعام من عليها، ولابد من تحديده ونشر التوعية والثقافة الجنسية بين المواطنين. عقيدتنا تمنعنا من التهاتر والمشاكسة والسباب. نحن لسنا ضد أحد ولا بديل عن أحد، فقط كنا موجودين سرا واليوم نعلن عن وجودنا على الملأ. خلقنا الرب كوردا ثم اخترنا المسيحية طوعا، ونجد أننا جزء من شعب تعددت ثقافاته ومناهله ونعتبرها ثراء وفسحة لا إملاق وضيقة.